ما المقصود بقوله تعالى "إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا"؟

ما المقصود بقوله تعالى

المقصود بقوله تعالى "إنّ الإنسان خلق هلوعا"

يقول الله سبحانه وتعالى في الآيات من سورة المعارج: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً}[١]، مُخبرًا عن طبيعة النفس البشرية التي جُبلت عليها، فقوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً}؛ أي أن نفس الإنسان وطباعه جُبلت على الأخلاق الدنيئة والصفات الذميمة، وقوله تعالى: {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً}؛ أي إذا أصاب الإنسان ابتلاء وضر خاف خوفًا شديدًا وفزع وأصبح قلبه فارغًا من شدة الخوف، ويأس وفقد الأمل من أن ينزاح عنه الهم والضر ويأتيه الخير، وقوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً}؛ أي إذا أصابه خيرٌ ونعمة من الله سبحانه أنكر فضل الله عليه وبخل بها على خلق الله سبحانه، ومنع حق الله فيها من صدقة وشكر وحمد، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (شرُّ ما في رَجُلٍ شُحٌّ هالِعٌ ، وجُبنٌ خالِعٌ)[٢][٣].


ما حكمة الله من خلق الإنسان هلوعًا وجزوعًا؟

الحكمة إذا مسّ الإنسان الشر شعر بالجزع؛ لأنّ خُلقت فطرة الإنسان على حب ذاته وحب سلامته وتحقيق مصالحه وأهدافه، والوصول إلى السعادة الأبدية والاستقرار، وينتج عن حب الذات والكمال إلى أنّ أي شيء يتعلق بهما ويحققهما يحبه الإنسان ويتعلق به ويحاول حمايته ويخاف من أن يفقده، ولهذا إذا شعر الإنسان من أن هناك خطرًا يُهدد الشيء الذي يحقق له السلامة ويتعلق بذاته يشعر بخوف شديد ويرتعد ويجزع ويهلع ويختل توازنه، أمّا الحكمة من أن يكون الإنسان منوعًا إذا مسّه الخير؛ لأنّ الإنسان يخشى أن يفقد الوسيلة التي تُحقق أهدافه وسلامة ذاتهـ فإنّه يحرص عليها حرصًا شديدًا حتى لا يفقدها ويشح بإنفاقه، ويسعى إلى حيازة الشيء لنفسه وبأعلى مستوى[٤].


طبيعة الإنسان المجبولة على الغرائز, كيف يمكن ترويضها؟

أخبر الله سبحانه في الآيات الكريمة أنّ الإنسان متصف بالصفات الذميمة والأخلاق الدنيئة، إلّا من حفظه الله سبحانه وعصمه منها وهداه إلى الخير بتيسر أسبابه إليه، وهذه الأسباب هي[٤][٥]:
  1. الصلاة: المصلون الذي يحافظون على صلاتهم ويداومون عليها، ويؤدونها في وقتها وهم من أهل الإيمان والتوحيد، الدائمون الاتصال بالله سبحانه، وذلك في قوله تعالى: {إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ}[٦].
  2. الإنفاق: أهل الإنفاق هم من يزكون بأموالهم ويشكرون الله سبحانه على نعمه، ويؤدون حق المال لأصحابه، ولا يأكلون المال بالباطل، وذلك في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}[٧].
  3. الإيمان باليوم الآخر: المؤمنون باليوم الآخر الذين يصدقون باليوم الآخر وأنّ الله سبحانه سيحاسبهم على أعمالهم الدنيوية، فيوجهون كل أعمالهم وحركاتهم إلى يوم الدين، وذلك في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ}[٨].
  4. الخوف من عذاب الله: الذين يخشون عذاب الله سبحانه، ويكونون في خوف دائم ولا يأمنون الحال، وذلك في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ}[٩].
  5. حفظ الفروج: حافظو الفروج هم الذين لا يعتدون على أعراض الناس، ويحفظون فروجهم عن الحرام والشهوة ويضعونها حيث أمرهم الله سبحانه، وذلك في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}[١٠].
  6. حفظ الأمانة: حافظو الأمانة الذين هم يؤدون الأمانة إلى أهلها، وينطقون بالحق والعدل، ولا يخونون ولا يغدرون، وذلك في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ}[١١].
  1. سورة المعارج، آية:19-21
  2. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:3709، صحيح.
  3. " تفسير قوله تعالى " إن الإنسان خلق هلوعا ""، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 16/3/2021. بتصرّف.
  4. ^ أ ب محمد النابلسي (16/4/1993)، " حقيقة الإنسان9 - خلق الإنسان هلوعا"، موسوعة النابلسي، اطّلع عليه بتاريخ 16/3/2021. بتصرّف.
  5. "[2 من قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} الآية:19 إلى آخر السورة"]، خالد السبت، 4/4/2014، اطّلع عليه بتاريخ 16/3/2021. بتصرّف.
  6. سورة المعارج، آية:22-23
  7. سورة المعارج، آية:24-25
  8. سورة المعارج، آية:26
  9. سورة المعارج، آية:27-28
  10. سورة المعارج، آية:29-31
  11. سورة المعارج، آية:32-33

فيديو ذو صلة :